تØت رعاية الملك Ùؤاد الأول ملك مصر آنذاك، وقبل ثمانين عاما عÙقد ÙÙŠ القاهرة أول مؤتمر دولي للموسيقى العربية.
Ùكرة هذا المؤتمر كانت تقوم على الØÙاظ على الموروث الموسيقي العربي، لكنها انتهت بتجديد الموسيقى العربية. سليمان توÙيق ÙÙŠ هذه القراءة التاريخية.
شهدت القاهرة أكبر اØتÙالية موسيقية ÙÙŠ تاريخها. واجتمع الØشد من الموسيقيين والنقاد والمؤرخين للموسيقى من جميع أنØاء العالم العربي، ومن تركيا وإيران وأوروبا للمرة الأولى للوقو٠على تÙاصيل الموسيقى العربية ولتبادل الخبرات ÙÙŠ Øوار جاد بين الثقاÙات. وكانت من بين هؤلاء شخصيات موسيقية عالمية مهمة من مؤلÙين ونقاد وباØثين ومؤرخين مثل: بيلا بارتوك، باول هيندميث، هنري رابو، إريك موريتز Ùون هورنبوستل، رودول٠درلانجيه، روبرت لاخمان وكورت ساكس إضاÙØ© إلى بعض المستشرقين مثل هنري جورج Ùارمر وألكسيس شوتين. وكوكبة من الموسيقيين العرب يتقدمهم (المصري) Ù…Øمد عبد الوهاب Ùˆ(الØلبي) سامي الشوا Ùˆ(العراقي) Ù…Øمد القبانجي . وقد Øلّ بعض الشعراء ضيوÙا على المؤتمر. وشاركت أيضا Ùرق موسيقية عربية معروÙØ© متخصصة بالموسيقى التراثية من سوريا والعراق ولبنان ومصر وكذلك من المغرب وتونس.
​​ويعتبر هذا المؤتمر Ù€ إلى اليوم Ù€ واØدا من أهم المØطات ÙÙŠ تطور التاريخ الØديث للموسيقى العربية، Øيث شهدت الموسيقى العربية ÙÙŠ القاهرة نوعا من ولادة جديدة. كان للمشاركين من الأوربيين اهتمامهم الخاص بالموسيقى العربية . Ùبارتوك ولاخمان كانا يعيشان ÙÙŠ ذلك الوقت ÙÙŠ تونس. وكان إريش موريس Ùون هورنبوستل من هواة جمع الآلات الموسيقية العربية التقليدية، ودرس ساكس الموسيقى العربية بكل أشكالها. جاءت Ùكرة هذا المؤتمر من عالم الموسيقى المصري Ø£Øمد Ù…Øمود الØÙني الذي عاد للتو من الدراسة ÙÙŠ برلين، وكان أول عربي يدرس علوم الموسيقى. بدأ عمله ÙÙŠ القاهرة Ù…Ùتشا للموسيقى، ومسؤول عن التعليم الموسيقي ÙÙŠ وزارة الثقاÙØ© ÙÙŠ مصر. ومن خلال تجربته ÙÙŠ ألمانيا رأى Ø£Øمد الØÙني Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ Ù†Ø¯Ø±Ø© الأبØاث ÙÙŠ الموسيقى العربية . .Ùأراد تجديدها لتتواصل مع الموسيقى الأوروبية دون المساس بسماتها الأساسية. كان لبعض الأوساط الموسيقية العربية المنÙتØØ© اهتمامات بالأÙكار والآلات الموسيقية الجديدة، وكذلك بالتقنيات التلØينية الØديثة. وكانوا ينتظرون الÙرصة المناسبة للتجديد.
علم الموسيقى العربية
مهّد المؤتمر الطريق لنشوء علم الموسيقى العربية. وقد تم تØديد Ù…ØµØ·Ù„Ø “الموسيقى العربية” من جديد، بعدما كان سابقا جزءاً من Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø¬Ù…Ø§Ø¹ÙŠ هو “الموسيقى الشرقية” ØŒ الذي كان يضم أيضا الموسيقى التركية والÙارسية والهندية والصينية. وقد تبين ÙÙŠ المؤتمر ولأول مرة بشكل ÙˆØ§Ø¶Ø ÙˆØ¬ÙˆØ¯ تقاليد موسيقية مختلÙØ©. Øتى أن بعض الموسيقيين العرب أبدو استياءهم Øين شاهدوا الاختلاÙات الموسيقية الهائلة التي تÙصلهم عن بعضهم البعض . على سبيل المثال موازين الموسيقى العربية ÙÙŠ المشرق العربي مختلÙØ© تماما عن الموازين المستخدمة ÙÙŠ المغرب العربي، القريبة من النظام الزمني الأوربي. وعلى العكس من الموسيقى العربية ÙÙŠ المغرب تستخدم الموسيقى ÙÙŠ كل من سوريا Ùˆ مصر والعراق- وبشكل طبيعي – ربع الصوت.
​​Øاول المشاركون جمع الموسيقى العربية وتوثيقها من اجل إنقاذ الإرث الموسيقي من الاندثار. وقام كل من بيلا بارتوك Ùˆ روبرت لاخمان بمساعدة شركة جراموÙون ÙÙŠ الإسكندرية بتسجيل الموسيقى التي عزÙتها الÙرق المشاركة. Ùتم إصدار 360 اسطوانة ليست للبيع وإنما للأرشيÙ. وعزÙت بعض الÙرق غير المعروÙØ© من قبل، وتم العز٠على آلات منسية مثل المزمار.
تنويط الموسيقى العربية
ÙˆÙÙŠ هذا المؤتمر تمت مناقشة الموضوع الرئيسي المتعلق بضرور “تنويط ” الموسيقى العربية. ÙÙÙŠ بداية القرن الماضي كان الرأي السائد يقول أن الموسيقى العربية تÙتقد لقاعدة نظرية. من الناØية الثانية اخترع الÙيلسو٠والطبيب وعالم الموسيقى الكندي ÙÙŠ القرن التاسع النوتة وكانت هناك نظريات موسيقية متطورة. رغم ذلك لم يستطع العرب على مدى القرون التالية تدوين الموسيقى كما ÙÙŠ أوربا ولم يتم تطوير نظرية أساسية عامة للموسيقى.
ثمة ميزة ÙÙŠ الموسيقى العربية، ألا وهي Øب الارتجال. لذلك من الصعب (تنويطها). Ùكل موسيقي يعز٠نÙس القطعة بشكل مختلÙ. ولا يتقيد بالصيغة الموضوعة للقطعة الموسيقية. لهذا كان العديد من المشاركين الأوروبيين غير متØمسين ( للتنويط ) خشية أن تÙقد الموسيقى العربية بذلك أصولها . ÙˆÙÙŠ المؤتمر نوقشت أيضا موضوعة إدخال الآلات غربية إلى الموسيقى العربية.وأثار هذا الموضوع الجدل الكثير، لأن البعض اعتبر ذلك تغييرا للسلم الموسيقي. كما Øظي هذا التوجه الجديد بمؤيدين متØمسين رأوا Ùيه Ùرصة لتجديد الموسيقى العربية من Øيث تØقيق المزيد من “الهارموني” (الانسجام) وتعدد الأصوات، إضاÙØ© إلى توسيع الأوركسترا.
وكانت هناك Ùئة عارضت هذا المنØÙ‰ خشية Ùقدان هوية الموسيقى العربية. وبرر أنصار هذا الرأي موقÙهم هذا بالقول إن الآلات الغربية لا ØªØµÙ„Ø Ù„Ù„Ù…ÙˆØ³ÙŠÙ‚Ù‰ العربية المتميزة باستخدام (ربع الصوت) ÙÙŠ سلمها الموسيقي. مع مرور الوقت ثبت أن مزج هذه الآلات ÙÙŠ Ùرقة واØدة كان ممكنا. Øتى أن Ø£Øد الموسيقيين صنع بيانو خاصا يستطيع عز٠ربع الصوت أيضا.
الانÙØªØ§Ø Ø§Ù„Ù…ÙˆØ³ÙŠÙ‚ÙŠ
وكان من رأي القائلين بالاختلاط أن العديد من الأÙكار والآلات الموسيقية التي تطورت ÙÙŠ أوروبا هي من أصول شرقية، وصلت إلى أوروبا قبل قرون وهاهي الآن تعود Ù…Ùعدلة ومتطورة إلى الثقاÙØ© العربية. على سبيل المثال: (الربابة) هذه الآلة التي منها تطور الكمان، جاءت إلى أوروبا من الÙضاء الثقاÙÙŠ الشرقي Øيث تم تØسينها بشكل كبير ÙÙŠ الأداء والصوت. أراد المشاركون العرب إدخال التكنيك الغربي ÙÙŠ العز٠على موسيقاهم . كان رأي المشاركين من الأوربيين كالتالي: “صونوا موسيقاكم الجميلة! لا تهتموا بالسيمÙونيات والكونسرتات. وعندما تتقدمون ÙÙŠ أبØاثكم، عند ذاك تستطيعون أن تهتموا بهذه الأشياء.
​​كان الأوروبيون ينظرون إلى موسيقاهم على انها الوØيدة المتطورة. بينما الموسيقى العربية كانت بالنسبة لهم أشبه بالÙÙ† التاريخي الذي يعيش بشكله القديم .الطريق بعيد أمامه للوصول إلى مستوى “الإنجاز الأوربي”. أرادوا الØÙاظ عليه ÙÙŠ المتØ٠كتاريخ للموسيقى. مثال على ذلك الرأي الذي ظهر ÙÙŠ المؤتمر ما ØµØ±Ø Ø¨Ù‡ بير كولانجيت: ” إن المساس بهيكل الموسيقى العربية التقليدية هو عمل إجرامي. نريد لهذا الÙÙ† الجميل الذي عر٠تألقه ÙÙŠ الماضي ووصل إلينا بهذه الديمومة، أن يبقى عربيا.”
Ùتوجه إليه Ù…Øمد ÙتØÙŠ Ø£Øد المشاركين العرب بالقول: ” قبل أن تعطي Øكمك Øول مسألة تطوير موسيقانا، أريد أن أسألك: ترى لو أعطيناكم موسيقانا الجميلة Øسب رأيكم، كما هي الآن، وانتم تعطونا موسيقاكم بالمقابل، Ùهل ستكون راضياً؟” . ÙÙŠ أعقاب المؤتمر اتخذت العديد من التدابير . كان هدÙها تطوير خطة تعليمية للموسيقى. ولأول مرة أدخلت مادة الموسيقى ÙÙŠ المدارس كمادة إلزامية. وتم تنظيم Øملة لجمع المزيد من النماذج الأصلية للموسيقى العربية ورÙع مستوى الوعي للتقاليد الموسيقية الخاصة والØية. مهّد المؤتمر الطريق لنوع جديد من الموسيقى العربية: موسيقى Ù…Ùتجذرة ÙÙŠ التقاليد المØلية وقد اكتشÙت ÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه نقطة انطلاقتها الخاصة. وبذلك اكتسب الموسيقيون والملØنون العرب Øرية أكثر ÙÙŠ الØركة. واعتبر الكثيرون توجههم الØداثي واستخدام وسائل وتقنيات جديدة نوعا من مضاعÙØ© الإمكانيات الموسيقية المتاØØ© لهم . ÙÙŠ المقابل، لم تستورد الموسيقى الأوروبية Ùكرة الاستÙادة من ربع الصوت المتوÙر ÙÙŠ الموسيقى الشرقية، ÙÙŠ الوقت الذي استÙادت Ùيه من تنوع الإيقاع والألوان الصوتية العربية.
سليمان توÙيق
Øقوق النشر: قنطرة 2012